" 'عفوا لقد نفذت مشاعركم' كم صار يمقت هذه العبارات، هذه العبارات التي تواجهه كلما حاول الإتصال بالحياة من جديد. منذ الحادثة صارت كثير الإنطواء على نفسه، دائم التشنج. كان دوما يظن أنه سيظل شامخا و يقول 'النخل يموت واقفا و الجبال لا تنحن' ، كان يعتقد أنه سيقاوم الطوفان الذي يهدده، كلها كانت أضغاث ظنون. من كان يتوقع أن يصبح سمير هكذا؟ ذاك الشاب واسع الصدر، لا يملك صدرا رياضيا لكن صدره كان رحبا و ملجأ لكل من لازمته الهموم، من كان يتوقع أن يصيبه التوحد؟ أن يهمل نفسه؟ أن يعتزل الناس؟ أن يتلف كتاباته؟ كان أسعد مخلوق على البسيطة، لا يفارق اللمعان عيناه الساحرتان ، يعرفه الجميع برباطة جأشه في أعسر الأمور، و بعفوه عن الجميع. من كان يتوقع أن يراه بهذه الحالة : شاحب الوجه، ذابل العينين ، شارد الذهن! لن تكف كل عباراتي عن وصف حاله، ليس لعجزي عن التعبير، بل لأنه لا يحب الشفقة! يعجبني غروره و قدرته على السيطرة، فهو يعتقد لأحد الآن أنه لازال يسيطر..."